وزير العدل: الخبرة القضائية دعامة أساسية لتجويد العمل القضائي
مقدمة:
أكد وزير العدل، يوم الأربعاء 28 ماي 2025، خلال مشاركته في الدورة الأولى للمؤتمر المغربي الفرنسي حول الخبرة القضائية بمراكش، أن الخبرة القضائية تشكل ركيزة أساسية في تجويد العمل القضائي وتعزيز الثقة في العدالة.
تصريح يحمل في طياته وعيا مؤسساتيا بأهمية تطوير آليات الخبرة، سيما في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية التي تفرض على القضاء مواكبة نوعية ودقيقة للملفات المعروضة عليه.
فما هو مفهوم الخبرة القضائية؟ وما هي أهميتها؟ وما هو الإطار القانوني المنظم لها؟ وما هي أهم التوصيات المقدمة خلال أشغال المؤتمر المغربي الفرنسي حول الخبرة القضائية؟
مفهوم الخبرة القضائية:
الخبرة القضائية هي وسيلة إثبات يستعين بها القاضي للبت في المسائل التقنية أو العلمية التي تتجاوز تكوينه القانوني. ويكلف خبير محلف للقيام بفحص أو تحليل فني وتقديم تقريره حول المسألة موضوع النزاع.
وتشمل الخبرة مجالات متعددة كالعقار، الطب، المحاسبة، البناء، الصفقات العمومية، وغيرها.
أهمية الخبرة في تجويد الأحكام القضائية:
أصبحت الخبرة القضائية من الركائز التي يعتمد عليها القضاة بشكل متزايد في:
- تحديد المسؤولية في القضايا المدنية والتجارية.
- تقييم الأضرار وتحديد التعويضات في حوادث الشغل وحوادث السير.
- التحقيق الفني في الجرائم المالية والتقنية.
- فض النزاعات المعقدة في العقار والبناء والمنازعات الهندسية.
الإطار القانوني المنظم للخبرة القضائية في المغرب:
تنظم الخبرة القضائية في المغرب عدة نصوص قانونية، أبرزها:
1. القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين:
يُعد هذا القانون هو الإطار التشريعي الأساسي المنظم لمهنة الخبراء القضائيين في المغرب. الذي تمت المصادقة عليه بموجب الظهير الشريف رقم 1.01.126 الصادر في 22 يونيو 2001، ويتضمن أحكامًا تتعلق بـ:
- شروط تسجيل الخبراء في جدول المحكمة.
- التزامات الخبراء ومسؤولياتهم التأديبية.
- كيفية أداء المهام والجزاءات التأديبية.
- قواعد السرية والنزاهة والتقيد بأوامر القضاء.
2. قانون المسطرة المدنية:
ينظم الخبرة القضائية في المواد من 59 إلى 66، ويحدد إجراءات تعيين الخبير، سلطته، مسؤولياته، وآجال تقديم الخبرة.
المادة 59 تنص على أن “الخبرة هي إجراء يأمر به القاضي إذا كان في حاجة إلى إيضاحات فنية”، ويجب أن تتم بحضور الأطراف أو إعلامهم.
3. قانون المسطرة الجنائية:
ينظم الخبرة في الميدان الجنائي (المواد من 194 إلى 211)، ويمنح صلاحية واسعة للنيابة العامة وهيئات التحقيق لتعيين الخبراء في قضايا الجنايات والجنح.
4. مدونة الشغل وقوانين أخرى:
في بعض النزاعات ذات الطابع التقني، يُرجع إلى قوانين خاصة، مثل قضايا الشغل، التأمين، العقار، الهندسة… حيث يتم تعيين خبراء معتمدين في مجالات دقيقة.
5. مراسيم تنظيمية:
مثل المرسوم المتعلق بتحديد شروط وكيفيات التسجيل في جدول الخبراء القضائيين، ويصدر عن وزارة العدل، ويحدد شروط القبول، التخصصات، وإجراءات الترشح.
إشكاليات منظومة الخبرة القضائية:
رغم الأهمية الكبرى للخبرة القضائية، إلا أن الممارسة العملية تكشف عن عدة تحديات، منها:
- تفاوت مستوى كفاءة الخبراء من حيث التكوين أو الحياد.
- تأخر إنجاز الخبرات مما يطيل عمر النزاع.
- ضعف آليات التتبع والمراقبة.
- غياب تقييم موضوعي لأداء الخبراء ومردوديتهم.
التوصيات:
موازاتا مع ملاحظات أشغال المؤتمر، يمكن استخلاص ما يلي:
- إعادة تنظيم لوائح الخبراء وتحيينها بناء على الكفاءة والتخصص.
- وضع مدونة سلوك للخبراء تحدد حقوقهم وواجباتهم.
- إحداث منصة رقمية وطنية لتدبير مساطر الخبرة وتتبعها.
- تنظيم دورات تكوينية مستمرة للخبراء بتعاون مع الجامعات والمجالس المهنية.