صدور قانون في الولايات المتحدة الأمريكية للحماية ضد الابتزاز الإلكتروني
يُعد قانون “Take It Down” الأمريكي من أبرز التشريعات الحديثة في مجال الحماية الرقمية، حيث جاء استجابة لتزايد حالات الابتزاز الإلكتروني ونشر الصور والمقاطع الحميمية دون إذن أصحابها، بما في ذلك المحتوى المفبرك باستخدام الذكاء الاصطناعي.
هذا القانون يُجرّم مثل هذه الأفعال بشكل صريح، ويُلزم المنصات الرقمية بإزالة المحتوى الضار خلال أجل لا يتعدى 48 ساعة من تاريخ التبليغ، تحت طائلة الغرامات والعقوبات الحبسية التي قد تصل إلى ثلاث سنوات، خاصة في الحالات التي يكون فيها الضحية قاصرًا.
أهمية هذا القانون تتجلى في كونه لا يقتصر فقط على ردع الجناة، بل يؤسس أيضًا لثقافة قانونية جديدة تعترف بـ”الكرامة الرقمية” وتُجرّم الاعتداء عليها، حتى إن تعلق الأمر بمحتوى غير حقيقي أو تم تعديله بواسطة تقنيات حديثة. ويأتي هذا في وقت يشهد فيه العالم تناميًا في تقنيات الذكاء الاصطناعي القادرة على إنتاج صور ومقاطع مزيفة يصعب التمييز بينها وبين الواقع.
بالنسبة للمغرب، يُمكن أن يُشكل هذا القانون مصدر إلهام مهم لتقوية الترسانة القانونية الوطنية، خصوصًا أن البلاد تشهد بدورها تناميًا لحالات الابتزاز الرقمي، التي تطال في الغالب نساء وفتيات يتم تهديدهن بصور أو فيديوهات خاصة. ورغم أن القوانين المغربية الحالية تُعاقب على التشهير والمساس بالحياة الخاصة، إلا أنها لا تتضمن نصوصًا دقيقة بشأن المحتوى المفبرك رقميًا أو المسؤولية المباشرة للمواقع والمنصات التي تنشر هذا المحتوى.
كما أن تطبيق مثل هذا النموذج من القوانين يُعزز ثقة المواطنين في المنظومة القانونية، ويشجع الضحايا على التبليغ دون خوف أو خجل، خصوصًا في بيئة اجتماعية محافظة.
ومن شأن هذا أن يدعم عمل المؤسسات الأمنية والقضائية، ويمنح جمعيات المجتمع المدني، لا سيما العاملة في مجال حقوق النساء وحماية الأطفال، أداة إضافية لحماية الضحايا والمرافعة من أجل تجريم أشكال العنف الرقمي الحديثة.
إن الحماية الرقمية لم تعد ترفًا، بل أصبحت ضرورة ملحة في زمن تتحول فيه التهديدات من الواقع الملموس إلى الفضاء الافتراضي. ولذلك، فإن استلهام روح قانون “Take It Down” وتكييفه مع الواقع المغربي يُعد خطوة جريئة نحو ترسيخ ثقافة قانونية تواكب التطور الرقمي وتحمي كرامة الأفراد.